(وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا) أي استمروا على ذلك ولم يرجعوا إلى التوبة (إنهم كانوا قوماً عمين) عن الحق وفهمه قاله مجاهد أي لكونهم عمي القلب لا ينجع فيهم الموعظة ولا يفيدهم التذكير، قال ابن عباس عمين كفاراً.
قال الزجاج: عموا عن الحق والإيمان يقال رجل عم في البصيرة؛ وأعمى في البصر، قاله الليث: وقيل هما بمعنى، وقال مقاتل: عموا عن نزول العذاب بهم وهو الغرق، وعمين جمع عم صفة مشبهة لكن تصرف فيه بحذف لامه كقاض إذا جمع فأصله عميين.
قال بعضهم: عم فيه دلالة على ثبوت الصفة واستقرارها كفرح وضيق، ولو أريد الحدوث لقيل عام كما يقال فارح وضائق، وقد قرئ عامين حكاها الزمخشري
(و) أرسلنا (إلى) قوم (عاد) وهو من ولد سام بن نوح قيل هو عاد بن عوص بن أرم بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح وهي عاد الأولى.
وعاد الثانية قوم صالح، وهم ثمود، وبينهما مائة سنة (أخاهم) أي واحداً من قبيلتهم أو صاحبهم، وسماه أخاً لكونه ابن آدم مثلهم، قاله الزجاج والعرب تسمى صاحب القوم أخاهم (هوداً) هو ابن عبد الله بن رباح بن الخلود بن عاد بن عوص المذكور قاله السيوطي في التحبير.
وقال ابن إسحق: هو هود بن شالخ المذكور. والأول أولى واشتهر في ألسنة النحاة أن هوداً عربي وفيه نظر لأن الظاهر من كلام سيبويه لما عده مع نوحٍ ولوط أنه أعجمي. وكان بينه وبين نوح ثمانمائة سنة، وعاش أربعمائة وأربعاً وستين سنة.
وصرح هنا بتعيين المرسل إليهم دون ما سبق في نوح وما سيأتي في لوط لأن المرسل إليهم إذا كان لهم اسم قد اشتهروا به ذكروا به وإلا فلا. وقد امتازت عاد وثمود ومدين بأسماء مشهورة.