مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (٩٩) قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٠٠) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (١٠١)
ثم أخبرهم أن
(ما على الرسول إلا البلاغ) لهم فإن لم يمتثلوا ولم يطيعوا فما ضروا إلا أنفسهم، وما جنوا إلا عليها، ولا عذر لهم في التفريط، وأما الرسول عليه الصلاة والسلام فقد فعل ما يجب عليه وقام بما أمره الله به، والبلاغ هو الإبلاغ، قاله السيوطي، وعبر القاضي كالكشاف بقوله: أتى بما أمر به من التبليغ، وذلك لقصد المبالغة والتكثير في زيادة الفعل والاستثناء مفرغ (والله يعلم ما تبدون وما تكتمون) لا يخفى عليه شيء من أحوالكم أي نفاقكم ووفاقكم ظاهراً وباطناً فيجازيكم به.
(قل لا يستوي) في الدرجة والرتبة ولا يعتدل (الخبيث والطيب) قيل المراد بهما الحرام والحلال، وقيل المؤمن والكافر، وقيل العاصي والمطيع وقيل الرديء والجيد، والأولى أن الاعتبار بعموم اللفظ فيشمل هذه المذكورات وغيرها مما يتصف بوصف الخبث والطيب من الأشخاص والأعمال والأقوال، فالخبيث لا يساوي الطيب بحال من الأحوال.
(ولو أعجبك كثرة الخبيث) الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وقيل لكل مخاطب يصلح لخطابه بهذا أو المراد نفي الاستواء في كل حال ولو في حال كون الخبيث معجباً للرائي للكثرة التي فيه، فإن هذه الكثرة مع الخبث في حكم العدم، لأن خبث الشيء يبطل فائدته ويمحق بركته، ويذهب بمنفعته.
والواو إما للحال أو للعطف على مقدر أي لا يستوي الخبيث والطيب لو لم يعجبك كثرة الخبيث ولو أعجبك كقولك أحسن إلى فلان وإن أساء إليك


الصفحة التالية
Icon