الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان (١)، أخرجه الشيخان.
وفي هذا دليل على أن الإيمان فيه أعلى وأدنى، وإذا كان كذلك كان قابلاً للزيادة والنقصان، قال الواحدي عن عامة أهل العلم: إن كل من كانت الدلائل عنده أكثر وأقوى كان إيمانه أزيد، قال الكرخي: إن نفس التصديق يقبل القوة وهي التي عبر عنها بالزيادة للفرق المميز بين يقين الأنبياء وأرباب المكاشفات ويقين آحاد الأمة.
ويؤيد ذلك قول عليّ رضي الله عنه لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً، وكذا من قام عليه دليل واحد ومن قامت عليه أدلة كثيرة لأن تظاهر الأدلة أقوى للمدلول عليه وأثبت لقدمه، وعليه يحمل ما نقل عن الشافعي من أنه يقبل الزيادة والنقص، فلا يرد كيف قال ذلك مع أن حقيقة الإيمان عند الأكثر لا تزيد ولا تنقص كالإلهية والوحدانية اهـ. وقيل المعنى أنهم كلما سمعوا آية جديدة أتوا بإقرار جديد وتصديق جديد فكان ذلك زيادة في إيمانهم.
(وعلى ربهم يتوكلون) التوكل على الله تفويض الأمر إليه في جميع الأمور قال ابن عباس: لا يرجون غيره، وعلى بمعنى الباء ويتوكلون بمعنى يثقون، وتقديم المعمول للحصر، وقال السمين التقديم يفيد الأختصاص أي عليه لا على غيره والجملة في محل الحال أو مستأنفة أو معطوفة على الصلة.
_________
(١) مسلم/٥٩ - البخاري/٣١.
(الذين يقيمون الصلاة) المفروضة بحدودها وأركانها في أوقاتها، ومن في (ومما) للتبعيض (رزقناهم ينفقون) ويدخل فيه النفقة في الزكاة والحج والجهاد وغير ذلك من الإنفاق في أنواع البر والقربات، وخص إقامة الصلاة والصدقة لكونهما أصل الخير وأساسه.


الصفحة التالية
Icon