لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (٨) إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (٩) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (١٠)
(ليحق الحق ويبطل الباطل) هذه الجملة علة لما يريده الله أي أراد ذلك أو يريده ليظهر الحق ويرفعه وهو الإسلام، ويبطل الباطل، ويضعه وهو الكفر، أو فعل ذلك ليحق الحق.
وليس في هذه الجملة تكرير لما قبلها لأن الأولى لبيان التفاوت فيما بين الإرادتين، وهذه لبيان الحكمة الداعية إلى ذلك، والعلة المقتضية له والمصلحة المترتبة عليه، وقيل لا يقال فيه تحصيل الحاصل إذ المراد بالحق الإيمان، وبالباطل الشرك وقيل المراد بالأول تثبيت ما وعد به في هذه الواقعة من النصرة والظفر بالأعداء، وبالثاني تقوية الدين وإظهار الشريعة لأن الذي وقع يوم بدر من نصر المؤمنين مع قلتهم، ومن قهر الكافرين مع كثرتهم كان سبباً لإعزاز الدين وقوته ولهذا قرنه بقوله ويبطل الباطل.
(ولو كره) أن يحق الحق ويبطل الباطل (المجرمون) أي المشركون من قريش أو جميع طوائف الكفار، ووقعة بدر قد اشتملت عليها كتب الحديث والسير والتواريخ مستوفاة فلا نطيل بذكرها.
(إذ تستغيثون ربكم) أي اذكروا وقت استغاثتكم، تذكير لهم بنعمة أخرى والمقام للماضي، وإنما عبر بالمضارع حكاية للحال الماضية أي إذ تستغيثون بربكم من عدوكم وتطلبون منه الغوث والنصر، والاستغاثة طلب الغوث يقال استغاثني فلان فأغثته والاسم الغياث.
والمعنى أن المسلمين لما علموا أنه لا بد من قتال الطائفة ذات الشوكة


الصفحة التالية
Icon