ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (١٣) ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ (١٤) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (١٥)
(ذلك) إشارة إلى ما وقع عليهم من القتل والأسر ودخل في قلوبهم من الرعب (بأنهم شاقوا الله ورسوله) أي بسبب مشاقتهم، والمشاقة المخالفة وأصلها من المجانبة وكذا الشقاق أصله أن يصير كل واحد من الخصمين في شق كأنهم صاروا في شق وجانب عن شق المؤمنين وجانبهم، وهذا مجاز معناه أنهم شاقوا أولياء الله وهم المؤمنون أو شاقوا دين الله وقد تقدم تحقيق ذلك.
(ومن يشاقق الله) أي يخالفه ويجانبه (ورسوله فإن الله شديد العقاب) له يعاقبه بسبب ما وقع منه من الشقاق يعني أن الذي نزل بهم في ذلك اليوم من القتل والأسر شيء قليل فيما أعد الله لهم من العقاب يوم القيامة، والشرطية تكملة لما قبلها وتكرير لمضمونه وتحقيق للسببية بالطريق البرهاني، كأنه قيل ذلك العقاب الشديد بسبب مشاقتهم لله تعالى ورسوله وكل من يشاقق الله ورسوله كائناً من كان فله بذلك عقاب شديد، فإذا لهم بسبب مشاقتهم عقاب شديد قاله أبو السعود
(ذلكم) إشارة إلى ما تقدم من العقاب والعذاب بالقتل والأسر، وفيه أوجه منها العقاب ذلكم أو الأمر ذلكم (الثاني) ذلكم العقاب (فذوقوه) الخطاب هنا للكافرين، كما أن الخطاب في قوله ذلكم للنبي - ﷺ - أو لكل من يصلح للخطاب، وأشار بالذوق إلى أن عذاب الدنيا عاجل يسير بالإضافة إلى المؤجل.
(وأنّ للكافرين عذاب النار) معطوفة على ما قبلها فتكون الإشارة على هذا إلى العقاب العاجل الذي أصيبوا به، ويكون ذلك إشارة إلى العقاب


الصفحة التالية
Icon