الآية منسوخة بآية الضعف.
وذهب جمهور العلماء إلى أن هذه الآية محكمة عامة غير خاصة وأن الفرار من الزحف محرم، ويؤيد هذا أن هذه الآية نزلت بعد انقضاء الحرب في يوم بدر وأجيب عن قول الأولين بأن الإشارة في (يومئذ) إلى يوم بدر بأن الإشارة إلى يوم الزحف كما يفيده السياق.
ولا منافاة بين هذه الآية وآية الضعف بل هذه الآية مقيدة بها فيكون الفرار من الزحف محرماً بشرط ما بينه الله في آية الضعف.
ولا وجه لما ذكروه من أنه لم يكن في الأرض يوم بدر مسلمون غير من حضرها فقد كان في المدينة إذ ذاك خلق كثير لم يأمرهم النبي ﷺ بالخروج، لأنه ﷺ ومن خرج معه لم يكونوا يرون في الابتداء أنه سيكون قتال.
ويؤيد هذا ورود الأحاديث الصحيحة المصرحة بأن الفرار من الزحف من جملة الكبائر كما في حديث: اجتنبوا السبع الموبقات وفيه " والتولي يوم الزحف " ونحوه من الأحاديث، وهذا البحث تطول ذيوله وتتشعب طرقه وهو مبين في مواطنه، وورد عن جماعة من الصحابة أن التولي يوم الزحف من الكبائر.
قال ابن عطية: والإدبار جمع دبر، والعبارة بالدبر في هذه الآية متمكنة في الفصاحة لما في ذلك من الشناعة على الفار والذم له.
قلت ويطلق الدبر على مقابل القبل وعلى الظهر وهو المراد هنا، والمقصود ملزوم تولية الظهر وهو الانهزام، وهذا من باب التعريض حيث ذكر لهم حالة تستهجن من فاعلها فأتى بلفظ الدبر دون الظهر لذلك، وبعض أهل علم البيان يسمي هذا النوع كناية وليس بشيء.


الصفحة التالية
Icon