الوقعة، وقيل أن دعوى الخوف كذب منه ولكنه رأى أنه لا قوة له ولا للمشركين فاعتل بذلك (والله شديد العقاب) يحتمل أن يكون من تمام كلام إبليس بسطاً للعذر ويحتمل أن يكون كلاماً مستأنفاً من جهة الله سبحانه تهديداً لإبليس (١).
_________
(١) قال ابن السائب: كان إبليس في صف المشركين على صورة سراقة، آخذاً بيد الحارث بن هشام؛ فرأى الملائكة فنكص على عقبيه، فقال له الحارث: أفراراً من غير قتال؛ فقال: (إِني أرى ما لا ترون)؛ فلما هُزم المشركون، قالوا: هَزَمَ الناس سراقة؛ فبلغه ذلك، فقال: والله ما شعرت بمسيركم حتى بلغتني هزيمتكم. قال قتادة: صدق عدو الله في قوله: (إني أرى ما لا ترون)، ذُكر لنا أنه رأى جبريل ومعه الملائكة، فعلم أنه لا يد له بالملائكة، وكذب عدو الله في قوله: (إني أخاف الله)، والله ما به مخافة الله، ولكن علم أنه لا قوة له بهم.
(إذ يقول المنافقون) قيل هم الذين أظهروا الايمان وأبطنوا الكفر وكانوا بالمدينة وهو ابتداء كلام منقطع عما قبله (والذين في قلوبهم مرض) هم الشاكون من غير نفاق الكائنون بمكة لم يقو إسلامهم لكونهم حديثي عهد بالإسلام، وعن الحسن قال: مرضى القلوب هم قوم لم يشهدوا القتال يوم بدر فسموا منافقين، وقال الكلبي: هم قوم كانوا أقروا بالإسلام وهم بمكة ثم خرجوا مع المشركين يوم بدر فلما رأوا المسلمين وافقوا المنافقين في قولهم.
(غر هؤلاء) المسلمين (دينهم) حتى تكلفوا ما لا طاقة لهم به من قتال قريش، وعن الشعبي نحوه، وقيل هم المشركون ولا يبعد أن يراد بهم اليهود الساكنون في المدينة وما حولها وأنهم هم والمنافقون من أهل المدينة قالوا هذه المقالة عند خروج المسلمين إلى بدر لما رأوهم في قلة من العدد، وضعف من العدد.
فأجاب الله عليهم بقوله: (ومن يتوكل على الله) يثق به (فإن الله عزيز) لا يغلبه غالب ولا يذل من توكل عليه (حكيم) له الحكمة البالغة التي تقصر عندها العقول.


الصفحة التالية
Icon