وفي بعضها عند أحمد والترمذي وحسنه عن ابن مسعود فخرج رسول الله ﷺ فقال: إن الله ليلين قلوب رجال فيه حتى تكون ألين من اللبن وإن الله ليشدد قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الحجارة، مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم عليه السلام قال: (من تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم) ومثلك يا أبا بكر مثل عيسى عليه السلام إذ قال: (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) ومثلك يا عمر مثل نوح عليه السلام إذ قال: (رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً) ومثلك يا عمر مثل موسى عليه السلام إذ قال: (ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم) الحديث (١).
روي أنهم أمسكوا عن الغنائم فنزل
_________
(١) مسند الإمام أحمد ١/ ٣٨٣.
(فكلوا) فالفاء لترتيب ما بعدها على سبب محذوف أي قد أبحت لكم الغنائم فكلوا (مما غنمتم) أو المعنى اتركوا الفداء فكلوا مما غنمتم من غيره، وقيل أن " ما " عبارة عن الفداء أي كلوا من الفداء الذي غنمتم فإنه من جملة الغنائم التي أحلها الله لكم أكلاً، ويأباه سياق النظم الكريم وسباقه.
(حلالاً طيباً) أي أكلاً حلالاً أو النصب على الحال، عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: " ولم تحل الغنائم لأحد قبلنا ثم أحل الله لنا وذلك بأن رأى ضعفنا وعجزنا فأحلها لنا " (١) أخرجه البخاري ومسلم (واتقوا الله) فيما يستقبل فلا تقدموا على شيء لم يأذن الله لكم به (إن الله غفور) لما فرط منكم (رحيم) بكم فلذلك رخص لكم في اخذ الفداء في مستقبل الزمان.
_________
(١) البخاري كتاب الخمس باب ٨.


الصفحة التالية
Icon