بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١) فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ
(براءة) أي هذه براءة وتنوينه للتفخيم، وقرئ بالنصب أي اسمعوا براءة قاله عيسى بن عمر، يقال: برئت من الشيء ابرأ براءة وأنا منه بريء إذا أزلته عن نفسك وقطعت سبب ما بينك وبينه، وقيل معناها هنا التباعد مما تكره مجاورته (من الله ورسوله) من ابتدائية أي هذه براءة مبتدأة من جهة الله تعالى ورسوله واصلة (إلى الذين عاهدتم من المشركين) عهداً مطلقاً أو دون أربعة أشهر أو فوقها، والعهد العقد الموثق باليمين، والخطاب للمسلمين ومن بيان للموصول وقد عاهدوا مشركي مكة وغيرهم بإذن من الله واتفاق من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
والمعنى الإخبار للمسلمين بأن الله ورسوله قد برئا من تلك المعاهدة بسبب ما وقع من الكفار من النقض فصار النبذ إليهم بعهدهم واجباً على المعاهدين من المسلمين ومعنى براءة الله سبحانه وقوع الإذن منه سبحانه بالنبذ من المسلمين لعهد المشركين بعد وقوع النقض منهم، وفي ذلك من التفخيم لشأن البراءة والتهويل لها والتسجيل على المشركين بالذل والهوان ما لا يخفى.
(فسيحوا) أيها المشركون (في الأرض أربعة أشهر) أمر إباحة منه سبحانه بالسياحة بعد الإخبار بتلك البراءة والسياحة السير، يقال ساح فلان في الأرض يسيح سيحاً وسياحة وسيوحاً وسيحاناً، ومنه سيح الخيل.
قال أبو السعود: السياحة والسيح الذهاب في الأرض والسير فيها بسهولة على مقتضى المشية كسيح الماء على موجب الطبيعة، ففيه من الدلالة على كمال التوسعة والترفيه ما ليس في سيروا ونظائره، وزيادة قوله: (في الأرض) لقصد التعميم لأقطارها من دار الإسلام وغيرها انتهى.


الصفحة التالية
Icon