أذاهم. وقال الضحاك وعطاء والسدي: هي منسوخة بقوله: (فإما مناً بعد وإما فداء) وإن الأسير لا يقتل صبراً بل يمنّ عليه أو يفادى، وقال مجاهد وقتادة: بل هي ناسخة. لقوله: (فإما مناً بعد وإما فداء) وأنه لا يجوز في الأسارى من المشركين إلا القتل، وقال ابن زيد: الآيتان محكمتان، قال القرطبي: وهو الصحيح لأن المن والقتل والفداء لم يزل من حكم رسول الله ﷺ فيهم من أول حرب حاربهم وهو يوم بدر، قال الرازي: كلتا الآيتين متوافقتان وكلتاهما تدلان على أنه لا بد من تقديم الأثخان ثم بعده أخذ الفداء اهـ.
(فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة) أي تابوا عن الشرك الذي هو سبب القتل وحققوا التوبة بفعل ما هو من أعظم أركان الإسلام وهو إقامة الصلاة وهذا الركن اكتفى به عن ذكر ما يتعلق بالأبدان من العبادات لكونه رأسها، واكتفى بالركن الآخر المالي، وهو إيتاء الزكاة عن كل ما يتعلق بالأموال من العبادات لأنه أعظمها (١).
(فخلوا سبيلهم) أي اتركوهم وشأنهم فلا تأسروهم ولا تحصروهم ولا تقتلوهم ولا تمنعوهم من الدخول إلى مكة والتصرف في بلادهم ولا تتعرضوا لهم (إن الله غفور) لهم (رحيم) بهم.
_________
(١) ذكره القرطبي ٨/ ٧٤: قوله صلى الله عليه وسلم: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالههم إلا بحقها وحسابهم على الله ". وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: والله لأقاتلن من فرّق بين الصلاة والزكاة؛ فإن الزكاة حق المال. وقال ابن عباس: رحم الله أبا بكر ما كان أفقهه. وقال ابن العربي.


الصفحة التالية
Icon