أحد، حتى جعل رسول الله ﷺ ينادي أحياء العرب: إليّ فوالله ما يعرج عليه أحد حتى أعرى موضعه، فالتفت إلى الأنصار وهم ناحية فناداهم: يا أنصار الله وأنصار رسوله إليَّ عباد الله أنا رسول الله، فجثوا يبكون وقالوا: يا رسول الله ورب الكعبة إليك والله فنكسوا، رؤوسهم يبكون وقدموا أسيافهم يضربون بين يدي رسول الله ﷺ حتى فتح الله عليهم.
وقيل ناداهم العباس بإذنه، وكان صيتاً يسمع صوته من نحو ثمانية أميال، فقاتلوا، ووقعة حنين مذكورة في كتب السير والحديث بطولها وتفاصيلها فلا نطول بذلك.
(ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين) أي أنزل ما يسكنهم فيذهب خوفهم حتى وقع منهم الاجتراء على قتال المشركين بعد أن ولوا مدبرين، ورسول الله ﷺ ثابت لم يفر، والمراد بالمؤمنين هم الذين لم ينهزموا وقيل الذين انهزموا، والظاهر جميع من حضر منهم لأنهم ثبتوا بعد ذلك وقاتلوا وانتصروا.
(وأنزل جنوداً لم تروها) هم الملائكة، واختلف في عددهم على أقوال، قيل كانوا خمسة آلاف، وقيل ثمانية آلاف، وقيل ستة عشر ألفاً، وقيل غير ذلك، وهذا لا يعرف إلا من طريق النبوة. واختلفوا أيضاً هل قاتلت الملائكة في هذا اليوم أم لا، وقد تقدم أن الملائكة لم تقاتل إلا يوم بدر وأنهم إنما حضروا في غير يوم بدر لتقوية قلوب المؤمنين وإدخال الرعب في قلوب المشركين وإن كانوا لا يرونهم، وقيل أن الكفار كانت تراهم.
عن جبير بن مطعم قال: رأيت قبل هزيمة القوم والناس يقتتلون مثل


الصفحة التالية
Icon