الجمهور من السلف والخلف ومنهم أهل المذاهب الأربعة إلى أن الكافر ليس بنجس الذات لأن الله سبحانه أحل طعامهم، وثبت عن النبي ﷺ في ذلك من فعله وقوله ما يفيد عدم نجاسة ذواتهم، فأكل في آنيتهم وشرب منها وتوضأ فيها وأنزلهم في مسجده وهو الحق، وعن جابر بن عبد الله في هذه الآية قال: إلا أن يكون عبداً أو أحداً من أهل الذمة.
(فلا يقربوا المسجد الحرام) الفاء للتفريع فعدم قربانهم للمسجد الحرام متفرع على نجاستهم، وإنما نهوا عن الاقتراب للمبالغة في المنع من دخول الحرم، ونهي المشركين أن يقربوا راجع إلى نهي المسلمين عن تمكينهم من ذلك، قاله أبو السعود فهو من باب قولهم لا أرينك هاهنا، والمراد بالمسجد الحرام جميع الحرم، روي ذلك عن عطاء فيمنعون عنده من جميع الحرم، ويؤيد هذا قوله تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام) أراد به الحرم لأنه أسرى رسول الله - ﷺ - من بيت أم هانئ.
وذهب غيره من أهل العلم إلى أن المراد المسجد الحرام نفسه فلا يمنع المشرك من دخول سائر الحرم، وقد اختلف أهل العلم في دخول المشرك غير المسجد الحرام من المساجد، فذهب أهل المدينة إلى منع كل مشرك عن كل مسجد، وقال الشافعي: الآية عامة في سائر المشركين خاصة في المسجد الحرام فلا يمنعون من دخول غيره من المساجد.
قال ابن العربي وهذا جمود منه على الظاهر لأن قوله تعالى: (إنما المشركون نجس) تنبيه على العلة بالشرك والنجاسة، ويجاب عنه بأن هذا القياس مردود يربطه ﷺ لثمامة بن أثال في مسجده وإنزال وفد ثقيف فيه.
وروي عن أبي حنيفة مثل قول الشافعي، وزاد أنه يجوز دخول الذمي


الصفحة التالية
Icon