رضيتم بالقعود والتخلف (أول مرة) وهي غزوة تبوك، والفاء في (فاقعدوا مع الخالفين) لتفريع ما بعدها على ما قبلها، والخالفين جمع خالف كأنهم اخلفوا الخارجين، والمراد بهم من تخلف عن الخروج بعد القوم، وقيل المعنى فاقعدوا مع الفاسدين، من قولهم فلان خالف أهل بيته إذا كان فاسداً فيهم.
ومن ذلك خلف اللبن أي فسد بطول المكث في السقاء، ذكر معناه الأصمعي وقرئ مع الخلفين، قال الفراء: معناه المخالفين، قيل المراد بهم النساء والصبيان والرجال العاجزون، فلذلك جاز جمعه للتغليب.
وقال قتادة: الخالفون النساء وهو مردود لأجل الجمع، قال ابن عباس: الخالفين هم الرجال الذين تخلفوا عن الغزو بغير عذر، وفي الآية دليل على أن الرجل إذا ظهر منه مكروه وخداع وبدعة يجب الانقطاع عنه وترك مصاحبته.
(ولا تصلّ على أحد منهم مات أبداً) يعني صلاة الجنازة (ولا تقم على قبره) قال الزجاج: معناه أن رسول الله ﷺ كان إذا دفن الميت وقف على قبره ودعا له فمنع هاهنا منه، وقيل معناه لا تقم بمهمات إصلاح قبره. ولا تتول دفنه، ولما نزلت هذه الآية ما صلى رسول الله ﷺ على منافق ولا قام على قبره بعدها.
(إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون) تعليل للنهي عن الصلاة والقيام على قبره، وإنما وصفهم بالفسق بعد وصفهم بالكفر لأن الكافر قد يكون عدلاً في دينه بأن يؤدي الأمانة، ولا يضمر لأحد سوءاً، وقد يكون خبيثاً في نفسه كثير الكذب والمكر والنفاق والخداع والجبن وإضمار السوء للغير والخبث وهي مستقبحة في كل دين عند كل أحد.
وقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عمر قال: لما توفي عبد الله


الصفحة التالية
Icon