أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٨٩) وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
(أعد الله لهم) استئناف لبيان كونهم مفلحين (جنات) أي بساتين (تجري من تحتها الأنهار) قد تقدم بيان جري الأنهار من تحتها (خالدين فيها) قد سبق بيان الخلود والفوز الآتي أيضا (ذلك) أي ما تقدم من الخيرات والفلاح ونيل الكرامة العظمى وإعداد الجنات الموصوفة بتلك الصفة (الفوز العظيم) ووصف الفوز بكونه عظيماً يدل على أنه الفرد الكامل من أنواع الفوز.
(وجاء المعذرون من الأعراب) قرئ بالتخفيف من أعذر، وكان ابن عباس يقرؤها مخففة ويقول والله هكذا أنزلت، قال النحاس: إلا أن مدارها على الكلبي يقال أعذر إذا بالغ في العذر، ومنه من أنذر فقد أعذر.
وقرأ الجمهور بالتشديد وفيه وجهان (أحدهما) أن يكون أصله المعتذرون وهم الذين لهم عذر فالمعذرون على هذا هم المحقون في اعتذارهم، وقد روي هذا عن الفراء والزجاج وابن الأنباري وأبي عبيد والأخفش وأبي حاتم، وقيل هو من عذر وهو الذي يعتذر ولا عذر له يقال عذر في الأمر إذا قصر فيه واعتذر بما ليس بعذر، ذكره الجوهري وصاحب الكشاف.
فالمعذرون على هذا هم المبطلون لأنهم اعتذروا بأعذار كاذبة باطلة لا أصل لها، والمعنى أنه جاء هؤلاء من الأعراب بما جاءوا به من الأعذار بحق أو بباطل على كلا التفسيرين، قال الضحاك: هم رهط عامر، وقيل من أسد وغطفان، وقال ابن عباس: هم الذين تخلفوا بعذر.


الصفحة التالية
Icon