عليهم مماثلاً لما أرادوه بالمسلمين، والسوء عند الجمهور مصدر أضيف إليه الدائرة للملابسة كقولك رجل صدق؛ وهو مصدر في الحقيقة، قال أبو البقاء: وهو الضرر، وقال مكي: من فتح السين فمعناه الفساد والرداءة، ومن ضمها فمعناه البلاء والضرر، وظاهر هذا أنهما إسمان لما ذكر، ويحتمل أن يكونا مصدرين ثم أطلقا على ما ذكر.
وقال غيره: المضموم العذاب والضرر، والمفتوح الذم، وقرأ ابن كثير وغيره بضم السين وهو المكروه، قال الأخفش: عليهم دائرة الهزيمة والشر، وقال الفراء: دائرة العذاب والبلاء قال: والسوء بالفتح سؤته سؤاً ومساءة وبالضم اسم لا مصدر وهو كقولك دائرة البلاء والمكروه، قال الخفاجي: وبين الفتح والضم شبه طباق، وقال الضحاك: الدوائر الهلكات (والله سميع) لما يقولونه (عليم) بما يضمرونه.
(ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر) هذا النوع الثاني من أنواع الأعراب كما تقدم أي منهم من يصدق بهما، عن عبد الرحمن بن معقل قال: كنا عشرة ولد مقرن فنزلت هذه الآية فينا، وقال مجاهد: هم بنو مقرن من مزينة وهم الذين قال الله (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم) الآية، وقال الكلبي: هم أسلم وغفار وجهينه ومزينة، وفي الباب أحاديث يطول ذكرها.
(ويتخذ ما ينفق قربات) أي سبب قربات (عند الله) وهي جمع قربة بالضم وهي ما يتقرب به إلى الله سبحانه، تقول منه قربت لله قرباناً والجمع قرب وقربات والمعنى أنه يجعل ما ينفقه في سبيل الله سبباً لحصول القربات عند الله (وصلوات الرسول) أي سبباً لدعوات الرسول لهم لأنه ﷺ كان يدعو للمتصدقين، ومنه قوله: (وصلِّ عليهم إن صلاتك سكن لهم) ومنه قوله: (- ﷺ -) " اللهم صلّ على آل أبي أوفى " (١).
_________
(١) مسلم ١٠٧٨ - البخاري ٨٠٠.