ومعلوم أن قراءته الصلة فليتنبه القارئ إذا قرأ بزيادة من لصلة الميم في المواضع الثلاثة وهي اتبعوهم وعنهم وأعد لهم لئلا يقع في التلفيق، وقد تقدم تفسير جري الأنهار من تحت الجنات وتفسير الخلود.
(خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم) اختلفوا في أول الناس إسلاماً بعد اتفاقهم على أن خديجة أول الخلق إسلاماً على أقوال يطول ذكرها. وقال إسحاق ابن إبراهيم: أول من أسلم من الرجال أبو بكر ومن النساء خديجة ومن الصبيان علي بن أبي طالب، ومن العبيد زيد بن حارثة؛ فهؤلاء الأربعة سباق الخلق إلى الإسلام. وأسلم على يد أبي بكر عثمان والزبير وابن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة، ثم تتابع الناس بعدهم في الدخول في الإسلام، فهؤلاء السابقون الأولون من المهاجرين.
وأما من الأنصار فهم الذين بايعوا رسول الله ﷺ ليلة العقبة وهي العقبة الأولى، وكانوا خمسة نفر: سعد وعوف ورافع وقطبة وجابر، ثم أصحاب العقبة الثانية وكانوا اثني عشر رجلاً، ثم أصحاب العقبة الثالثة وكانوا سبعين رجلاً، فهؤلاء سابقو الأنصار. وقيل غير ذلك مما ليس في ذكره كثير فائدة
(وممن حولكم من الأعراب منافقون) هذا عود إلى شرح أحوال المنافقون من أهل المدينة ومن يقرب منها من الأعراب، قيل وهؤلاء الذين هم حول المدينة من المنافقين هم جهينة ومزينة وأشجع وغفار وأسلم، ذكره جمع من المفسرين كالبغوي والواحدي وابن الجوزي والنسفي والخازن والسيوطي وغيرهم وفيه إشكال لأن النبي ﷺ دعا لهؤلاء القبائل، فإن صح هذا النقل فتحمل الآية على القليل منهم، لأن لفظة (من) للتبعيض، ويحمل الدعاء لهم على الأكثر والأغلب، وبهذا يمكن الجمع بينهما.
وأطلق الطبري القول ولم يعين أحداً من القبائل المذكورة بل قال من القوم الذين حول مدينتكم؛ أيها المؤمنون من الأعراب منافقون (ومن أهل


الصفحة التالية
Icon