وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (١٨٣) أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (١٨٤) أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (١٨٥) مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٨٦)
(وأملي) الإملاء الإمهال والتطويل أي أطيل (لهم) المدة وأمهلهم ليتمادوا في الكفر والمعاصي وأؤخر عنهم العقوبة (إن كيدي متين) جملة مقررة لما قبلها من الاستدراج والإملاء ومؤكدة له والكيد المكر والمتين الشديد القوي وأصله من المتن وهو اللحم الغليظ الذي على جانب الصلب لأنه أقوى ما في الحيوان وقد متن بالضم يمتن متانة أي قوي.
والمعنى أن أخذي أو مكري شديد لا يطاق قال ابن عباس: كيد الله العذاب والنقمة قال في الكشاف سماه كيداً لأنه شبيه بالكيد من حيث إنه في الظاهر إحسان وفي الحقيقة خذلان، وفي الآية دليل على مسألة القضاء والقدر، وأن الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
(أو لم يتفكروا) الإستفهام للإنكار عليهم حيث لم يتفكروا في شأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفيما جاء به (ما بصاحبهم من جنة) ما للاستفهام الإنكاري والجنة مصدر أي وقع منهم التكذيب ولم يتفكروا أي شيء من جنون كائن بصاحبهم كما يزعمون؟ فإنهم لو تفكروا لوجدوا زعمهم باطلاً وقولهم زوراً وبهتاناً.
وقيل أي ليس بصاحبهم شيء مما يدعونه من الجنون فيكون هذا رداً لقولهم: [يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون] ويكون الكلام قد تم عند قوله (أو لم يتفكروا) والوقف عليه من الأوقاف الحسنة.