فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٧٢) فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (٧٣) ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ (٧٤)
وفي هذا الكلام من نوح عليه السلام ما يدل على وثوقه بنصر ربه وعدم مبالاته بما يتوعده به قومه، ثم بين لهم أن كل ما أتى به إليهم من الأعذار والإنذار وتبليغ الشريعة عن الله ليس هو لطمع دنيوي ولا لغرض خسيس فقال
(فإن توليتم) أي إن أعرضتم عن العمل بنصحي لكم وتذكيري إياكم، والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها.
(فما سألتكم) في مقابلة ذلك عليه (من أجر) تؤدونه إليّ حتى تتهموني فيما جئت به والفاء جزائية (إن أجري) أي ما ثوابي في النصح والتذكير (إلا على الله) سبحانه فهو يثيبني آمنتم أو توليتم (وأمرت أن أكون من المسلمين) المنقادين لحكم الله الذين يجعلون أعمالهم خالصة لله سبحانه لا يأخذون عليها أجراً ولا يطمعون في عاجل أو من المستسلمين لكل ما يصعب من البلاء.
(فكذبوه) أي استمروا على تكذيبه وأصروا على ذلك. وليس المراد أحدثوا تكذيبه بعد أن لم يكن.
(فنجيناه) أي نوحاً عليه السلام (ومن معه) أي من قد أجابه وصار على دينه، وكانوا ثمانين: أربعين رجلاً وأربعين امرأة (في الفلك) أي السفينة، والمفرد على وزن قفل والجمع على وزن أسد والمراد هنا المفرد.
(وجعلناهم) أي الذين نجاهم معه في الفلك حملاً على معنى من (خلائف) جمع خليفة، والمعنى أنه سبحانه جعلهم خلفاء يسكنون الأرض