تعيينها، وقيل أنهم يجعلون بيوتهم مستقبلة للقبلة ليصلوا فيها سراً لئلا يصيبهم من الكفار معرة بسبب الصلاة.
ومما يؤيد هذا قوله (وأقيموا الصلاة) أي التي أمركم الله بإقامتها فإنه يفيد أن القبله هي قبلة الصلاة إما في الساجد أو في البيوت لا جعل البيوت متقابلة وقيل أمر الله موسى وهارون وقومهما باتخاذ الساجد على رغم الأعداء وتكفل بأن يصونهم عن شر الأعداء، ذكره الخطيب، وإنما جعل الخطاب في أول الكلام مع موسى وهارون ثم جعله لهما ولقومهما في قوله (واجعلوا) و (أقيموا) ثم أفرد موسى بالخطاب بعد ذلك فقال (وبشر المؤمنين) أي بالنصر والجنة لأن اختيار المكان مفوض إلى الأنبياء، ثم جعل عاماً في استقبال القبلة وإقامة الصلاة لأن ذلك واجب على الجميع لا يختص بالأنبياء ثم جعل خاصاً بموسى لأنه الأصل في الرسالة وهارون تابع له فكان ذلك تعظيماً للبشارة وللمبشر بها.
وقيل أن الخطاب في (وبشر المؤمنين) لنبينا محمد ﷺ على طريقة الالتفات والاعتراض والأول أولى.
(و) لما بالغ موسى عليه السلام في إظهار المعجزات وإقامة الحجج البينات ولم يكن لذلك تأثير فيمن أرسل إليهم، دعا عليهم بعد أن بين سبب إصرارهم على الكفر وتمسكهم بالجحود والعناد (قال موسى) مبيناً للسبب أولاً (ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالاً في الحياة الدنيا) قد تقدم أن الملأ هم الأشراف، والزينة اسم لكل ما يتزين به من ملبوس ومركوب وحلية وفراش وسلاح وغير ذلك، والمال ما زاد على هذه الأشياء من الصامت ونحوه.
ثم كرر النداء للتأكيد فقال (ربنا ليضلوا عن سبيلك) قال الخليل


الصفحة التالية
Icon