والجملة إما حالية أو اعتراضية بنوع إيضاح (والنذر) جمع نذير وهم الرسل أو جمع إنذار وهو المصدر (عن قوم لا يؤمنون) في علم الله سبحانه، والمعنى أن من كان هكذا لا يجدى فيه شيء ولا يدفعه عن الكفر دافع.
(فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم) أي فهل ينتظر هؤلاء الكفار المعاصرون لمحمد ﷺ بتكذيبه إلا مثل وقائع الله سبحانه بالكفار الذين خلوا من قبل هؤلاء قوم نوح وعاد وثمود، فقد كان الأنبياء المتقدمون يتوعدون كفار زمانهم بأيام مشتملة على أنواع العذاب، وهم يكذبونهم ويصممون على الكفر حتى ينزل الله عليهم عذابه ويحل بهم انتقامه، والعرب تسمي العذاب أياماً والنعم أياماً، كقوله تعالى (وذكرهم بأيام الله).
ثم قال: (قل) يا محمد لهؤلاء الكفار المعاصرين لك (فانتظروا) أي تربصوا لوعد ربكم (إني معكم من المنتظرين) لوعد ربي، وفي هذا تهديد شديد ووعيد بالغ بأنه سينزل بهؤلاء ما نزل بأولئك من الإهلاك.
(ثم ننجي) بالتشديد باتفاق العشرة وقرئ بالتخفيف وهما لغتان فصيحتان أنجى ينجي إنجاء، ونجى ينجي تنجية بمعنى واحد، وثم للعطف على مقدر يدل عليه ما قبله، كأنه قيل أهلكنا الأمم ثم نجينا (رسلنا) المرسلين إليهم (و) نجينا (الذين آمنوا) والتعبير بلفظ الفعل المستقبل لاستحضار صورة الحال الماضية تهويلاً لأمرها.
(كذلك) صفة لمصدر محذوف أي إنجاء مثل ذلك الإنجاء، وقوله (حقاً علينا) اعتراض، أي حق ذلك علينا حقاً أي وجب وتحتم بمقتضى الفضل والكرم (ننجي) بالتخفيف والتشديد قراءتان سبعيتان (المؤمنين) من عذابنا للكفار والمراد بالمؤمنين الجنس فيدخل في ذلك الرسل واتباعهم أو يكون خاصاً بالمؤمنين وهم أتباع الرسل لأن الرسل داخلون في ذلك بالأولى، وقال السيوطي: النبي ﷺ واصحابه حين تعذيب المشركين لهم.


الصفحة التالية
Icon