وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ (١٠٦) وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (١٠٧)
(ولا تدع من دون الله) على حال من الأحوال (ما لا ينفعك ولا يضرك) بشيء من النفع والضر إن دعوته، ودعاء من كان هكذا لا يجلب نفعاً ولا يقدر على ضر، ضائع لا يفعله عاقل على تقدير أنه لا يوجد من يقدر على النفع والضر غيره فكيف إذا كان موجوداً فإن العدول عن دعاء القادر إلى دعاء غير القادر أقبح وأقبح.
(فإن فعلت) أي فإن دعوت ولكنه كنى عن القول بالفعل (فإنك إذاً من الظالمين) هذا جزاء الشرط، أي فإنك في عداد الظالمين لأنفسهم، والمقصود من هذا الخطاب التعريض لغيره صلى الله عليه وسلم.
(و) جملة (إن يَمْسَسْك الله بضر فلا كاشف له إلا هو) مقررة لمضمون ما قبلها، والمعنى أن الله سبحانه هو الضار النافع، فإن أنزل بعبده ضراً لم يستطع أحد أن يكشفه كائناً من كان بل هو المختص بكشفه كما هو اختص بإنزاله.
(وإن يردك بخير) أيَّ خير كان لم يستطع أحد أن يدفعه عنك ويحول بينك وبينه كائناً من كان، هو من القلب وأصله أن يرد بك الخير، ولكن لما تعلق كل واحد منهما بالآخر جاز أن يكون كل واحد منهما مكان الآخر.
قال النيسابوري: وفي تخصيص الإرادة بجانب الخير والمس بجانب الشر دليل على أن الخير يصدر عنه سبحانه بالذات والشر بالعرض.


الصفحة التالية
Icon