الأصلاب (ومستودعها) موضعها في الأرحام وما يجري مجراها كالبيضة ونحوها، وقال الفراء: مستقرها حيث تأوى إليه ليلاً أو نهاراً، ومستودعها موضعها الذي تموت فيه، وقد مر تمام الأقوال في سورة الأنعام.
ووجه تقديم المستقر على المستودع على قول الفراء ظاهر، وأما على القول الأول فلعل وجه ذلك أن المستقر أنسب باعتبار ما هي عليه حال كونها دابة، والمعنى وما من دابة إلا يرزقها الله حيث كانت من إماكنها بعد كونها دابة، وقبل كونها دابة، وذلك حين تكون في الرحم ونحوه.
وفي البيضاوي أماكنها في الحياة وفي الممات أو الأصلاب والأرحام أو مساكنها من الأرض حين وجدت بالفعل ومودعها من المواد والمقار حين كانت بعد بالقوة. اهـ
والمراد كالمني والعلقة، والمقار كالصلب والرحم، وعن ابن مسعود قال: مستقرها في الأرحام ومستودعها حيث تموت، ويؤيد هذا التفسير ما أخرجه الحاكم وصححه عن ابن مسعود عن النبي (- ﷺ -) قال: إذا كان أجل أحدكم بأرض أتيحت له إليها حاجة حتى إذا بلغ أقصى أثره منها فيقبض، فتقول الأرض يوم القيامة: هذا ما استودعتني (١)
ثم ختم الآية بقوله (كل في كتاب مبين) أي كل مما تقدم ذكره من الدواب ومستقرها ومستودعها ورزقها في اللوح المحفوظ أي مثبت فيه قبل خلقها.
ثم أكد دلائل قدرته بالتعرض لذكر خلق السماوات والأرض وكيف كان الحال قبل خلقها فقال
_________
(١) المستدرك كتاب الإيمان ١/ ٤١.
(وهو الذي خلق السماوات والأرض) وما بينهما (في ستة أيام) الكلام على التوزيع، فكان خلق السماوات في يومين والأرضين في يومين، وما عليها من أنواع الحيوان والنبات والأقوات والجمادات في يومين،


الصفحة التالية
Icon