وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (١٠) إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١١)
(ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته) والنعماء إنعام يظهر أثره على صاحبه؛ والضراء ظهور أثر الإضرار على من أصيب به، والمعنى أنه إن أذاق الله سبحانه العبد نعماءه من الصحة والسلامة والغنى بعد أن كان في ضر من فقر أو مرض أو خوف، لم يقابل ذلك بما يليق به من الشكر لله سبحانه، وفي اختلاف الفعلين نكتة لا تخفى.
(ليقولن) أي بل يقول (ذهب السيئات عني) أي المصائب التي ساءته من الضر والفقر والخوف والمرض عنه وزال أثرها غير شاكر لله ولا مثن عليه بنعمه (إنه لفرح فخور) أي كثير الفرح بطراً أو أشراً كثير الفخر على الناس بتعديد المناقب والتطاول عليهم بما يتفضل الله به عليه من النعم، والفرح لذة تحصل في القلب بنيل المراد والمشتهى.
وفي التعبير عن ملابسة الضر له بالمس مناسبة للتعبير في جانب النعماء بالإذاقة فإن كليهما لأدنى ما يطلق عليه اسم الملاقاة كما تقدم.
(إلا الذين صبروا) فإن عادتهم الصبر عند نزول المحن، والشكر عند حصول المنن، قال الأخفش: هو استثناء منقطع، يعني ولكن الذين صبروا فإنهم ليسوا كذلك، وقيل متصل إذ المراد بالإنسان الجنس لا واحد بعينه قاله الفراء (وعملوا الصالحات) في حالة النعمة والنقمة.
(أولئك) إشارة إلى الموصول باعتبار اتصافه بالصبر وعمل الصالحات (لهم مغفرة) لذنوبهم وإن جمت (وأجر) يؤجرون به على أعمالهم الحسنة (كبير) متناه في الكبر، وهو الجنة، ووصف الأجر به لما احتوى عليه من النعيم السرمدي ودفع التكاليف والأمن من عذاب الله والنظر إلى وجهه الكريم، واختياره على العظيم لعله لرعاية الفواصل.


الصفحة التالية
Icon