الصالحات بالقسط) أي بالعدل الذي لا جور فيه أي يجزيهم متلبساً بالقسط أو متلبسين به أو بسبب قسطهم، والمراد به هنا الإيمان بدليل المقابلة في قوله بما كانوا يكفرون.
(والذين كفروا) يحتمل وجهين أحدهما أن يكون مرفوعاً بالابتداء وجملة (لهم شراب من حميم وعذاب أليم) خبره والثاني أن يكون منصوباً عطفاً على الموصول قبله وتكون الجملة بعده مبينة لجزائهم، وقيل الجملة في محل نصب على الحال أي حال كونهم لهم هذا الشراب وهذا العذاب المؤلم.
ولكن يشكل على ذلك إن هذا الشراب وهذا العذاب الأليم هما من الجزاء والحميم الماء الحار الذي قد انتهى حره، وكل مسخن عند العرب فهو حميم، وتغيير الأسلوب للمبالغة في استحقاقهم للعقاب والتنبيه على أن المقصود بالذات من الإبداء والإعادة هو الإثابة والعذاب وقع بالعرض وأنه تعالى يتولى إثابة المؤمنين بما يليق بلطفه وكرمه، ولذلك لم يعينه، وأما عقاب الكفرة فكأنه داء ساقه إليهم سوء اعتقادهم وسوء أفعالهم (بما كانوا يكفرون) أي بسبب كفرهم.
(هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً) ذكر هاهنا بعض نعمه على المكلفين وهو مما يستدل به على وجوده ووحدته وقدرته وعلمه وحكمته باتقان صنعه في هذين النيرين المتعاقبين على الدوام بعد ما ذكر قبل هذا إبداعه للسموات والأرض واستواءه على العرش وغير ذلك.
والضياء قيل جمع ضوء كالسياط والسوط والحياض والحوض والأولى أن يكون ضياء مصدراً لا جمعاً ولا بد من تقدير مضاف أي جعل الشمس ذات ضياء والقمر ذا نور إلا أن يحمل على المبالغة كأنهما جعلا نفس الضياء والنور قيل الضياء أقوى من النور، وقيل هو ما كان بالذات والنور ما كان بالعرض، فما قام


الصفحة التالية
Icon