الكفار بأن هذا القرآن من عند الله وأن الله سبحانه هو الإله وحده لا شريك له وذلك يوجب دخولهم في الإسلام.
واعلم أنه قد اختلف التحدث للكفار بمعارضة القرآن فتارة وقع بمجموع القرآن كقوله: (لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله) وبعشر سور كما في هذه الآية وذلك لأن العشرة أول عقد من العقود، وبسورة منه كما تقدم في البقرة ويونس، وذلك لأن السورة أقل طائفة منه.
ثم إن الله سبحانه توعد من كان مقصور الهمة على الدنيا لا يطلب غيرها ولا يريد سواها فقال:
(من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها) واختلف أهل التفسير في هذه الآية فقال الضحاك: نزلت في الكفار وأهل الشرك واختاره النحاس بدليل الآية التي بعدها (أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار) وقال أنس: نزلت في اليهود والنصارى، وعن الحسن مثله، وقيل نزلت في المنافقين، وقيل الآية واردة في الناس على العموم كافرهم ومسلمهم والحمل على العموم أولى.
والمعنى أن من كان يريد بعمله حظ الدنيا يكافأ بذلك وليس المراد مجرد الإرادة والمراد بزينتها ما يزينها ويحسنها من الصحة والأمن والسعة في الرزق وارتفاع الحظ ونفاذ القول وكثرة الأولاد والرياسة ونحو ذلك، وإدخال كان في الآية يفيد أنهم مستمرون على إرادة الدنيا بأعمالهم لا يكادون يريدون الآخرة ولهذا قيل أنهم مع إعطائهم حظوظ الدنيا يعذبون في الآخرة لأنهم جردوا قصدهم إلى الدنيا ولم يعملوا للآخرة.
وظاهر قوله: (نوف إليهم أعمالهم فيها) أن من أراد بعمله الدنيا حصل له الجزاء الدنيوي لا محالة، ولكن الواقع في الخارج يخالف ذلك فليس كل متمن ينال من الدنيا أمنيته وإن عمل لها وأرادها فلا بدّ من تقييد ذلك


الصفحة التالية
Icon