كون القرآن من عند الله وغير ذلك من خصال الإيمان (وعملوا الصالحات) أراد بها جميع أعمال الجوارح (وأخبتوا إلى ربهم) أي أنابوا إليه وسكنوا، وقيل خشعوا وقيل خضعوا وقيل خافوا، قاله ابن عباس وقيل اطمأنوا قاله مجاهد، وهذا إشارة إلى أعمال القلوب، وقيل وأصل الإخبات الاستواء في الخبت وهو الأرض المستوية الواسعة فيناسب معنى الخشوع والاطمئنان.
قال الفراء: إلى ربهم ولربهم واحد، وقيل لفظ الإخبات يتعدى باللام وإلى فإذا قلت أخبت فلان إلى كذا فمعناه اطمأن إليه، وإذا قلت له فمعناه خشع وخضع (أولئك) الموصوفون بتلك الصفات الصالحة (أصحاب الجنة هم فيها خالدون) لا انقطاع لنعيمها ولا زوال لأهلها.
(مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع) ضرب للفريقين مثلاً وهو تشبيه فريق الكافرين بالأعمى والأصم وتشبيه فريق المؤمنين بالبصير والسميع على أن كل فريق شبه بشيئين أو شبه بمن جمع بين الشيئين، فالكافر شبه بمن جمع بين العمى والصمم، والمؤمن شبه بمن جمع بين السمع والبصر، وعلى هذا يكون الواو في والأصم وفي والسميع لعطف الصفة على الصفة.
(هل يستويان مثلاً) أي حالاً وصفة (أفلا تذكرون) في عدم استوائهما وفيما بينهما من التفاوت الظاهر لا يخفى على من له تذكر وعنده تفكر وتأمل. والهمزة لإنكار عدم التذكر واستبعاد صدوره عن المخاطبين.
ولما أورد سبحانه على الكفار المعاصرين لمحمد ﷺ أنواع الدلائل التي هي أوضح من الشمس أكد ذلك بذكر القصص على طريقة الافتنان في الكلام، ونقله من أسلوب إلى أسلوب لتكون الموعظة أظهر والحجة أبين والقبول أتم فقال.


الصفحة التالية
Icon