يتخلف منكم أحد إلا امرأتك فإنها تتخلف، والملجئ إلى هذا التأويل البعيد الفرار من تناقض القراءتين.
(إنه مصيبها ما أصابهم) من العذاب وهو رميهم بالحجارة، والجملة تعليل للاستثناء (إن موعدهم الصبح) هذه الجملة تعليل لما تقدم من الأمر بالإسراء والنهي عن الالتفات، والمعنى أن موعد عذابهم أي وقت هلاكهم الصبح المسفر عن تلك الليلة، روي أنه قال لهم متى موعد هلاكهم فقالوا هذه المقالة فقال أريد أسرع من ذلك فقالوا (أليس الصبح بقريب) الهمزة للإنكار التقريري على حد (ألم نشرح لك صدرك) والجملة تأكيد للتعليل ولعل جعل الصبح ميقاتاً لهلاكهم لكون النفوس فيه أسكن، والناس فيه مجتمعون لم يتفرقوا إلى أعمالهم.
(فلما جاء أمرنا) أي الوقت المضروب لوقوع العذاب فيه أو المراد بالأمر نفس العذاب والأول أولى (جعلنا عاليها) أي عالي قرى قوم لوط (سافلها) والمعنى أنه قلبها على هذه الهيئة وهي كون عاليها صار سافلها وسافلها صار عاليها وذلك لأن جبريل أدخل جناحه تحتها فرفعها من تخوم الأرض حتى أدناها من السماء ثم قلبها عليهم:
قال مجاهد: لما أصبحوا غدا جبريل على قريتهم وقطعها من أركانها ثم أدخل جناحه ثم حملها على خوافي جناحه بما فيها ثم صعد بها إلى السماء، حتى سمع أهل السماء صياحٍ ديكهم ونباح كلابهم ثم قلبها فكان أول ما سقط منها سرادقها فلم يصب قوما ما أصابهم.
ثم إن الله طمس على أعينهم ثم قلبت قريتهم وهي خمس مدائن أكبرها سدوم وهي المؤتفكات المذكورة في سورة براءة يقال كان فيها أربعة آلاف ألف.
(وأمطرنا عليها) أي على المدن حين رفعها جبريل أو على شذاذها وعلى من كان خارجاً عنها من مسافريها أو من بعد قلبها، قيل أنه يقال أمطرنا في


الصفحة التالية