وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١) وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٢) وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (١٣)
ولما ذكر الله سبحانه الوعيد على عدم الإيمان بالمعاد، ذكر أن هذا العذاب من حقه أن يتأخر عن هذه الحياة الدنيا فقال
(ولو يعجل الله للناس الشر) أي إجابة دعائهم بالشر مما لهم فيه مضرة ومكروه في نفس أو مال، والتعجيل تقديم الشيء قبل وقته، وقال القفال: لما وصفهم بالغفلة أكد ذلك بأن من غاية غفلتهم أن الرسول متى أنذرهم استعجلوا العذاب، فبين الله سبحانه أنه لا مصلحة في إيصال الشر إليهم فلعلهم يتوبون أو يخرج من أصلابهم من يؤمن.
قيل ومعناه لو عجل الله للناس العقوبة (استعجالهم بالخير) أي كما
يستعجلون بالثواب والخير أي استعجالاً مثل استعجالهم قال مكي: وهذا مذهب سيبويه أو تعجيلاً مثل استعجالهم، وهذا تقدير أبي البقاء وهو الطاهر، وقال الزمخشري: أصله تعجيله لهم بالخير وهو ضعيف جداً، وقيل منصوب على إسقاط كاف التشبيه أي كاستعجالهم، والاستعجال طلب العجلة.
(لقضي إليهم أجلهم) أي لأهلكهم، وقيل معناه لأميتوا، قال ابن قتيبة: إن الناس عند الغضب والضجر قد يدعون على أنفسهم وأهلهم وأولادهم بالموت وتعجيل البلاء كما يدعون بالرزق والرحمة وإعطاء المسؤول،


الصفحة التالية
Icon