(ذلك) أي ما قصه الله سبحانه في هذه السورة من القصص السبعة (من أنباء القرى) أي من أخبار الأمم السالفة والقرون الماضية وما فعلوه بأنبيائهم (نقصه عليك) أي هو مقصوص عليك لتخبر به قومك لعلهم يعتبروا، وقد تقدم تحقيق معنى القصص (منها) أي من القرى التي أهلكنا أهلها (قائم وحصيد) القائم ما كان قائماً على عروشه والحصيد ما لا أثر له.
وقيل القائم العامر والحصيد الخراب، وقيل القائم القرى الخاوية على عروشها والحصيد المستأصل بمعنى محصود، شبه ما بقي من آثار القرى بالزرع القائم على ساقه وشبه المقطوع والمعفو منها بالحصيد.
قال ابن عباس: يعني قرى عامرة وقرى خامدة، وقال قتادة: قائم يرى مكانه وحصيد لا يرى له أثر، وقال ابن جريج: قائم خاو على عروشه وحصيد ملصق بالأرض، والمعنى بعضها باق وبعضها عاف، والجملة مستأنفة استئنافاً بيانياً لأنه لما ذكر أنباء القرى اتجه لسائل أن يقول ما حال هذه القرى أباقية آثارها أم لا؟
(وما ظلمناهم) بما فعلنا بهم من العذاب والإهلاك (ولكن ظلموا أنفسهم) بأن جعلوها عرضة للهلاك باقتراف ما يوجبه من الكفر والمعاصي.
(فما أغنت عنهم آلهتهم) أي فما دفعت عنهم أصنامهم أو ما نفعت، قاله أبو عاصم (التي يدعون) يعبدونها (من دون الله) أي غيره (من شيء) أي شيئاً من العذاب، وبأس الله، ومن زائدة (لما جاء) أي حين جاء (أمر ربك) أي عذابه (وما زادوهم غير تتبيب) أي هلاك وخسران. قال ابن عمر: أي هلكة وقال ابن زيد: أي تخسير، وقيل تدمير، والتتبيب اسم من تببه بالتشديد، وتبت يده تتب بالكسر خسرت كناية عن الهلاك وتباً له أي هلاكاً واستتب الأمر تهيأ ويستعمل لازماً ومتعدياً، يقال تببه غيره وتب هو بنفسه، والمعنى ما زادتهم أصنامهم التي يعبدونها إلا هلاكاً وخسراناً، وقد كانوا يعتقدون أنها تعينهم على تحصيل المنافع ودفع المضار.