وأبو الشيخ وابن مردويه عن عمر بن الخطاب قال: لما نزلت فمنهم شقي وسعيد قلت يا رسول الله فعلام نعمل على شيء قد فرغ منه أو على شيء لم يفرغ منه قال: بل على شيء قد فرغ منه وجرت به الأقلام يا عمر ولكن كل ميسر لما خلق له (١)
وقد استدل بهذه الآية على أن أهل الموقف قسمان لا ثالث لهما وظاهر الآية والحديث يدل على ذلك لكن بقي قسم آخر مسكوت عنه وهو من استوت حسناته وسيآته أو لا حسنات لهم ولا سيآت كالمجانين والأطفال فهم تحت مشيئته يحكم فيهم بما شاء وتخصيص القسمين لا ينفي القسم الثالث.
_________
(١) الترمذي كتاب القدر الباب الثالث.
(فأما الذين شقوا) أي الذين سبقت لهم الشقاوة في علمه تعالى وهم الذين يموتون على الكفر وأن تقدم منهم إيمان (ففي النار) أي فمستقرون فيها (لهم فيها زفير وشهيق) قال الزجاج: الزفير من شدة الأنين وهو المرتفع جداً.
قال: وزعم أهل اللغة من البصريين والكوفيين أن الزفير بمنزلة ابتداء صوت الحمير والشهيق بمنزلة آخره، وقيل الزفير للحمار والشهيق للبغل، وقيل الزفير الصوت الشديد والشهيق الصوت الضعيف، وقيل الزفير إخراج النفس والشهيق ردها، وقيل الزفير من الصدر والشهيق من الحلق.
وقيل الزفير ترديد النفس في الصدر من شدة الخوف حتى تنتفخ منه الأضلاع والشهيق النفس الطويل الممتد أو رد النفس إلى الصدر والمراد بهما الدلالة على شدة كربهم وغمهم وتشبيه حالهم بمن استولت الحرارة على قلبه وانحصر فيه روحه
وقال الليث: الزفير أن يملأ الرجل صدره حال كونه في الغم الشديد من النفس ويخرجه والشهيق أن يخرج ذلك النفس وهو قريب من قولهم تنفس الصعداء، والجملة إما مستأنفة أو حالية.


الصفحة التالية
Icon