الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (١) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (٣)
(آلر) قد تقدم الكلام فيه في فاتحة سورة يونس (تلك آيات الكتاب المبين) أي تلك الآيات التي أنزلت إليك في هذه السورة الظاهر أمرها في إعجاز العرب وتبكيتهم، والمبين من أبان بمعنى بأن أي الظاهر أمره في كونه من عند الله، وفي إعجازه بنوعيه لا سيما الإخبار عن الغيب، أو الواضح معانيه للعرب بحيث لا يلتبس على قارئه وسامعه لنزوله على لغتهم، أو بمعنى بين أي المبين لما فيه من الأحكام والشرائع وخفاء الملك والملكوت وأسرار النشأتين في الدارين، أو المبين فيه قصص الأولين وشرح أحوال المتقدمين، أو قد أبين فيها ما سألت عنه اليهود من قصة يوسف.
قال قتادة: مبين بينه الله ببركته ورشده فهذا من بأن أي ظهر، وقال الزجاج: مبين للحق من الباطل والحلال من الحرام فهذا من أبان بمعنى أظهر، قال مجاهد: بين الله حلاله وحرامه، وعن معاذ قال: بين الله الحروف التي سقطت عن ألسن الأعاجم وهي ستة أحرف.
(إنا أنزلناه) أي الكتاب المبين حال كونه (قرآنا) فعلى تقدير أن الكتاب السورة يكون تسميتها قرآنا باعتبار أن القرآن اسم جنس يقع على الكل وعلى البعض وعلى تقدير أن المراد به كل القرآن فتكون تسميته قرآنا واضحة و (عربياً) صفة لقرآن أي لغة العرب وفيه من غير لسان العرب مثل سجيل ومشكاة وأليم واستبرق ونحو ذلك، قاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة وهذا هو الصحيح وأنكرها أبو عبيدة محتجاً بهذه الآية والجمع أنها لما تكلمت بها العرب نسبت إليهم وصارت لهم لغة (لعلكم تعقلون) أي لكي تعلموا معانيه وتفهموا ما فيه لأنه نازل بلغتكم.