(قال) أي فأجابهم يعقوب بقوله (إني ليحزنني أن تذهبوا به) أي ذهابكم به واللام لام الابتداء للتأكيد ولتخصيص المضارع بالحال أخبرهم بأنه يحزن لغيبة يوسف عنه لفرط محبته له وحنوه عليه والحزن هنا الم القلب بفراق المحبوب (و) مع ذلك (أخاف أن يأكله الذئب) قال هذا يعقوب تخوفاً عليه منهم فكنى عن ذلك بالذئب وقيل إنه خاف أن يأكله الذئب حقيقة لأن ذلك المكان كان كثير الذئاب. ولو خاف منهم أن يقتلوه لأرسل معهم من يحفظه.
قال ثعلب: الذئب مأخوذ من تذأبت الريح إذا هاجت من كل وجه، قال: والذئب مهموز لأنه يجئ من كل وجه (وأنتم عنه غافلون) لاشتغالكم بالرتع واللعب أو لكونكم غير مهتمين بحفظه.
أخرج أبو الشيخ وابن مردويه والسلفي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " لا تلقنوا الناس فيكذبون فإن بني يعقوب لم يعلموا أن الذئب يأكل الناس، فلما لقنهم أبوهم كذبوا فقالوا أكله الذئب ".
(قالوا) جواباً عن عذره الثاني وهو قوله أخاف أن يأكله الذئب، وأما عذره الأول وهو قوله إني ليحزنني فلم يجيبوا عنه إما لكون الحزن زمنه قصيراً لانقضائه برجوعهم، وإما لأنه ليس غرضهم إزالة الحزن عنه بل إيقاعه فيه والثاني هو المتعين (لئن أكله الذئب) اللام هي الموطئة للقسم والمعنى والله لئن أكله الذئب (و) الحال إنا (نحن عصبة) جماعة كثيرة عشرة رجال.
(إنا إذاً) أي في ذلك الوقت وهو أكل الذئب له (لخاسرون) لهالكون ضعفاً وعجزا أو مستحقون للهلاك لعدم الاعتداد بنا وانتفاء القدرة عن أيسر شيء وأقله أو مستحقون لأن يدعى علينا بالخسار والدمار، وقيل معناه لجاهلون حقه وهذه الجملة جواب القسم المقدر في الجملة التي قبلها.


الصفحة التالية
Icon