(وكذلك) أي مثل ذلك الجزاء العجيب (نجزي المحسنين) فكل من أحسن في عمله أحسن الله جزاءه وجعل عاقبته الخير من جملة ما يجزيه به، وهذا عام يدخل تحته جزاء يوسف على صبره الحسن دخولاً أولياً.
قال الطبري: هذا وإن كان مخرجه ظاهراً على كل محسن فالمراد به محمد صلى الله عليه وآله وسلم يقول الله كما فعل هذا بيوسف ثم أعطيته ما أعطيته كذلك أنجيك من مشركي قومك الذين يقصدونك بالعداوة وأمكن لك في الأرض والأولى ما ذكرناه من حمل العموم على ظاهره فيدخل تحته ما ذكره ابن جرير الطبري، وقيل معنى المحسنين المؤمنين، وقيل الصابرين على النوائب قاله الضحاك وقيل المهتدين.
(وراودته) أي حين بلغ مبلغ الرجال قاله ابن زيد وهذا رجوع إلى شرح ما جرى عليه في منزل العزيز بعد ما أمر امرأته بإكرام مثواه وقوله (وكذلك مكنا ليوسف) إلى هنا اعتراض جيء به انموذجاً للقصة ليعلم السامع من أول الأمر أن ما لقيه يوسف من الفتن التي ستحكى بتفاصيلها له غاية جميلة وعاقبة حميدة وأنه محسن في جميع أحواله، لم يصدر عنه في حالتي السراء والضراء ما يخل بنزاهته، ولا يخفى أن مدار حسن التخلص إلى هذا الاعتراض قبل تمام الآية الكريمة إنما هو التمكين البالغ المفهوم من كلام العزيز.
والمراودة الإرادة والطلب برفق ولين، وقيل هي مأخوذة من الرود أي الرفق والتأني يقال أرودني أي أمهلني وقيل مأخوذة من راد يرود إذا جاء وذهب لطلب شيء كأن المعنى أنها فعلت في مراودتها له فعل المخادع ومنه الرائد لمن يطلب الماء والكلأ وقد يخص بمحاولة الوقاع فيقال راود فلان جاريته عن نفسها وراودته هي عن نفسه إذا حاول كل واحد منهما الوطء والجماع وهي عبارة عن التمحل في مواقعته إياها، وهي مفاعلة من واحد نحو مطالبة الدائن ومماطلة