وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢٥) قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٢٦) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٧)
(واستبقا الباب) أي تسابقا إليه وهذا كلام متصل بقوله (ولقد همت به وهم بها) الآية وما بينهما اعتراض جيء به بين المعطوفين تقريراً لنزاهته عليه السلام ووجه تسايقهما أن يوسف يريد الفرار والخروج من الباب وامرأة العزيز تريد أن تسبقه إليه لتمنعه عن الفتح والخروج ووحد الباب هنا وجمعه فيما تقدم لأن تسابقهما كان إلى الباب البراني الذي يخلص منه إلى خارج الدار قال السيوطي: بادرا إليه يوسف للفرار وهي للتشبث به فأمسكت ثوبه.
(وقدّت) أي جذبت (قميصه من دبر) من ورائه فانشق إلى أسفله والقد القطع وأكثر ما يستعمل فيما كان طولاً والقط بالطاء يستعمل فيما كان عرضا قال الشهاب في الريحانة: القد والقط متقاربان معنى وهما نوعان من القطع وفيه لطيفة اتفاقية لأن القد قطع الشيء من نصفه أو قطعه نصفين والقط قطع الطرف كما في الشمع والقلم فكأنه لكونه قليلاً من القطع نقص منه للعين انتهى.
وإسناد القد إليها خاصة مع أن لقوة يوسف أيضاً دخلاً فيه إما لأنها الجزء الأخير للعلة التامة وإما للإيذان بمبالغتها في منعه عن الخروج وبذل مجهودها في ذلك لفوت المحبوب أو لخوف الافتضاح.
(وألفيا سيدها لدى الباب) أي وجدا العزيز هنالك وعني بالسيد الزوج لأن القبط يسمون الزوج سيداً وإنما لم يقل سيدهما لأن ملكه ليوسف لم يكن صحيحاً فلم يكن سيداً له.


الصفحة التالية
Icon