(وشهد شاهد من أهلها) أي من قرابتها وسمي الحكم بينهما شهادة لما يحتاج فيه من التثبت والتأمل، قيل لما التبس الأمر على العزيز احتاج إلى حاكم يحكم بينهما ليتبين له الصادق من الكاذب قيل كان ابن عم لها واقفاً مع العزيز في الباب، وقيل ابن خال لها وقيل أنه الطفل في المهد تكلم قال السهيلي: وهو الصحيح للحديث الوارد في ذلك عن النبي - ﷺ - في ذكر من تكلم في المهد وذكر من جملتهم شاهد يوسف.
وقيل أنه رجل حكيم كان العزيز يستشيره في أموره وكان من قرابة المرأة قال ابن عباس: ظبي أنطقه الله كان في الدار وعنه قال: كان رجل ذا لحية من خاصة الملك وعن الحسن قال: هو رجل له فهم وعلم وعن مجاهد قال: إنه ليس بإنسي ولا جني هو خلق من خلق الله، قلت ولعله لم يحضر قوله تعالى من أهلها وإنما كان الشاهد من أهل المرأة وقرابتها ليكون أقوى في نفي التهمة عن يوسف مع ما وجد من كثرة العلامات الدالة على صدقه.
(إن كان قميصه قدّ من قبل) أي من قدام فقال الشاهد هذه المقالة مستدلاً على بيان صدق الصادق منهما وكذب الكاذب بأن قميص يوسف إن كان مقطوعاً من قبل أي من جهة القبل (فصدقت) أي فقد صدقت بأنه أراد بها سوءًا (وهو من الكاذبين) في قوله أنها راودته عن نفسه وقرئ من قبل بضم اللام وكذا من دبر قال الزجاج جعلاهما غايتين.
(وإن كان قميصه قد من دبر) أي من ورائه (فكذبت) في دعواها عليه (وهو من الصادقين) في دعواه عليها ولا يخفى أن هاتين الجملتين الشرطيتين لا تلازم بين مقدميهما وتاليهما لا عقلاً ولا عادة وليستا من الشهادة في شيء وإنما ذكرتا توسيعاً للدائرة وإرخاء للعنان إلى جانب المرأة باجراء ما عسى أن يحتمله الحال في الجملة مجرى الظاهر الغالب الوقوع فليس هاهنا إلا مجرد إمارة غير مطردة إذ من الجائز أن يجذبه إليها وهو مقبل عليها فينقد القميص من دبر وأن تجذبه وهو مدبر عنها فينقد القميص من قبل.