فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٤) ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (٣٥) وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٣٦)
(فاستجاب له ربه) لما قال وإن لا تصرف عني كيدهن كان ذلك منه تعرضاً للدعاء وكأنه قال اللهم اصرف عني كيدهن فالاستجابة من الله تعالى هي بهذا الاعتبار لأنه لم يتقدم دعاء صريح منه عليه السلام وفي إسناد الاستجابة إلى الرب مضافاً إليه عليه السلام ما لا يخفى من إظهار اللطف.
(فصرف عنه كيدهن) حسب دعائه والمعنى أنه لطف به وعصمه عن الوقوع في المعصية لأنه إذا صرف عنه كيدهن لم يقع شيء مما رمنه، ووجه إسناد الكيد قد تقدم (إنه هو السميع العليم) تعليل لما قبلها من صرف الكيد أي أنه هو السميع لدعوات الداعين له العليم بأحوال الملتجئين إليه وفيه أنه لا يقدر أحد على الانصراف عن المعصية إلا بعصمة الله ولطفه به وهو معنى قوله لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
(ثم بدا لهم) أي ظهر للعزيز وأصحابه الذين يدبرون الأمر معه ويشيرون عليه في الرأي وأما فاعل بدا فقال سيبويه: هو ليسجننه أي ظهر لهم أن يسجنوه قال المبرد: وهذا غلط لأن الفاعل لا يكون جملة ولكن الفاعل ما دل عليه بدا وهو المصدر فحذف الفاعل لدلالة الفعل عليه وقيل الفاعل المحذوف هو رأي أي وظهر لهم رأي لم يكونوا يعرفونه من قبل وهذا الفاعل حذف لدلالة ليسجننه عليه.
(من بعد ما رأوا الآيات) قيل هي القميص وشهادة الشاهد وقطع