وهم الكفار (لا يشكرون) الله سبحانه على نعمه التي أنعم بها عليهم فيؤمنون به ويوحدون ويعملون بما شرعه لهم أو لا يستدلون بما نصب لهم من الدلائل وإنزال الآيات فيلغونها كمن يكفر النعمة ولا يشكرها أو لا يصرفون تلك القوى والمشاعر إلى ما خلقت هي له ولا يستعملونها فيما ذكر من أدلة التوحيد الأفاقية والأنفسية والعقلية والنقلية.
قال قتادة: إن المؤمن ليشكر ما به من نعمة الله ويشكر ما بالناس من نعمة، ذكر لنا أن أبا الدرداء كان يقول يا رُبَّ شاكر نعمة غير منعم عليه لا يدري ويا رب حامل فقه غير فقيه ثم دعاهم إلى الإسلام صريحاً فقال:
(يا صاحبي السجن) جعلهما مصاحبين للسجن لطول مقامهما فيه وقيل المراد يا صاحبي في السجن لأن السجن ليس بمصحوب بل مصحوب فيه وأن ذلك من باب يا سارق الليلة وعلى الأول يكون من باب الإضافة إلى الشبيه بالمفعول به والمعنى يا ساكني السجن كقوله أصحاب الجنة وأصحاب النار قال قتادة: لما عرف يوسف أن أحدهما مقتول دعاهما إلى حظهما من ربهما وإلى نصيبهما من آخرتهما فقال:
(أأرباب متفرقون) الاستفهام للإنكار مع التوبيخ والتقريع ومعنى التفرق هنا هو التفرق في الذوات والصفات والعدد أي هل الأرباب المتفرقون في ذواتهم المختلفون في صفاتهم المتنافون في عددهم (خير) لكما يا صاحبي السجن (أم الله الواحد) أي المعبود بحق المتفرد في ذاته وصفاته الذي لا ضد له ولا ند ولا شريك (القهار) الذي لا يغالبه مغالب ولا يعانده معاند وقيل استفهام تقرير أي طلب الإقرار بجواب الاستفهام أي أقروا واعلموا أن الله هو الخير والأول أولى.