والمعنى أنه أمركم بتخصيصه بالعبادة دون غيره مما تزعمون أنه معبود، ثم بين لهم إن عبادته وحده دون غيره هي دين الله الذي لا دين غيره فقال:
(ذلك) أي تخصيصه تعالى بالعبادة (الدين القيم) أي المستقيم الثابت العدل الذي تعاضدت عليه البراهين عقلاً ونقلاً (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) إن ذلك هو دينه القويم وصراطه المستقيم لجهلهم وبعدهم عن الحقائق أو لا يعلمون ما يصيرون إليه من العذاب فيشركون وهذا يدل على أن العقوبة تلزم العبد وإن جهل إذا أمكن له العلم بطريقه.
ثم بعد تحقيق الحق ودعوتهما إليه وبيانه لهما مقداره الرفيع ومرتبة علمه الواسع شرع في تفسير ما استفسراه ولكونه بحثاً مغايراً لما سبق فصله عنه بتكرير الخطاب فقال.
(يا صاحبي السجن أما أحدكما) أي الساقي وإنما أبهمه لكونه مفهوماً أو لكراهة التصريح للخباز بأنه الذي سيصلب (فيسقي ربه) أي مالكه (خمراً) وهي عهدته التي كان قائماً بها في خدمة الملك فكأنه قال أما أنت أيها الساقي فستعود بعد ثلاث من الأيام إلى ما كنت عليه ويدعوك الملك ويطلقك من الحبس.
(وأما الآخر) وهو الخباز فيخرج بعد ثلاث (فيصلب فتأكل الطير من رأسه) تعبيراً لما رآه من أنه حمل فوق رأسه خبزاً فتأكل الطير منه (قضي الأمر الذي فيه تستفتيان) وهو ما رأياه وقصاه عليه يقال استفتاه إذا طلب منه بيان حكم شيء سأله عنه مما أشكل عليه وهما قد سألاه تعبير ما أشكل عليهما من الرؤيا والمراد بالأمر ما يؤول إليه أمرهما ولذلك وحده قاله البيضاوي.
وقال الزمخشري: المراد بالأمر ما اتهما به من سم الملك وما سجنا من