(و) لما دنا فرج يوسف عليه السلام (قال الملك) أي الملك الأكبر وهو الريان ابن الوليد الذي كان العزيز وزيراً له (إني أرى) أي رأيت في منامي (سبع بقرات سمان) خرجن من نهر يابس (يأكلهن سبع عجاف) أي مهازيل في غاية الضعف، والتعبير في الموضعين بالمضارع لاستحضار الصورة والسمان جمع سمين وسمينة، يقال رجال سمان كما يقال نساء كرام، والعجاف جمع عجفاء سماعي وقياس جمعه عجف لأن فعلى وافعل لا تجمع على فعال ولكنه عدل عن القياس حملاً على السمان لأنه نقيضه.
(و) رأيت (سبع سنبلات خضر) قد انعقد حبها (و) رأيت سبعاً (أخر يابسات) وهي التي قد بلغت حد الحصاد، وإنما حذف اسم العدد لأن التقسيم في البقرات يقتضي التقسيم في السنبلات وكان قد رأى إن السبع السنبلات اليابسات قد أدركت الخضر والْتَوَتْ عليها حتى غلبتها ولم يبق من خضرتهن شيء ولعل عدم التعرض لذكر هذا في النظم القرآني للاكتفاء بما ذكر من حال البقرات، ولما شاهد الناقص الضعيف قد استولى على القوي الكامل حتى غلبه وقهره أراد أن يعرف ذلك فقال:
(يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي) الخطاب للأشراف منَ قومه، وقيل هم السحرة والكهنة والمعبرون للرؤيا، والمعنى أخبروني بحكم هذه الرؤيا (إن كنتم للرؤيا تعبرون) أي تعلمون عبارة الرؤيا وهي الانتقال من الصور الخيالية إلى المعاني النفسانية التي هي مثالها، وأصل العبارة مشتقة من عبور النهر وهو المجاوزة، فمعنى عبرت النهر بلغت شاطئه، فعابر الرؤيا يخبر بما يؤول إليه أمرها.
قال الزجاج: اللام في للرؤيا للبيان، وقيل هو لتقوية العامل وتأخير الفعل العامل فيه لرعاية الفواصل.


الصفحة التالية
Icon