ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (٤٩) وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (٥٠) قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٥١) ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (٥٢) وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥٣)
(ثم يأتي من بعد ذلك) السنين المجدبات (عام) سنة وهذه بشارة منه لهم زائدة على تعبير الرؤيا ولعله علم ذلك بالوحي أو بأن انتهاء الجدب بالخصب على العادة الإلهية حيث يوسع على عباده بعد تضييقه عليهم (فيه يغاث الناس) من الإغاثة أو الغوث وهو الفرج وزوال الهم والكرب والغيث المطر وقد غاث الغيث الأرض أي أصابها وغاث الله البلاد يغيثها غوثاً أمطرها فمعنى يغاث الناس يمطرون.
(وفيه يعصرون) الأشياء التي تعصر كالعنب والسمسم والزيتون، وقيل أراد حلب الألبان، وقيل معناه ينجون مأخوذ من العصرة وهي المنجاة، قال أبو عبيدة: والعصر بالتحريك الملجأ والمنجى واعتصرت بفلان التجأت به وقرئ بتاء الخطاب ويعصرون بضم الياء وفتح الصاد ومعناه يمطرون ومنه قوله تعالى (وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجاً) قال ابن عباس: يصيبهم فيه غيث يعصرون فيه العنب والزبيب ومن كل الثمرات ويحتلبون وعنه قال: أخبرهم بشيء لم يسألوه عنه كان الله قد علمه إياه وفيه يعصرون السمسم دهناً والعنب خمراً والزيتون زيتاً والمراد كثرة الخير والنعم على الناس وكثرة الخصب في الزرع والثمار.