فهمه وعدم مباينة أحوالهم السابقة لحالهم يومئذ لأنه فارقهم رجالاً قيل بأول نظرة نظر إليهم عرفهم، وقيل لم يعرفهم حتى تعرفوا إليه. قاله الحسن والأول أولى وهو ظاهر النظم القرآني، وبه قال ابن عباس ومجاهد.
(وهم له منكرون) لم يعرفوه لأنهم فارقوه صبياً يباع بالدراهم في أيدي السيارة بعد أن أخرجوه من الجب، ودخلوا عليه الآن وهو رجل عليه أبهة الملك ورونق الرياسة وعنده الخدم والحشم، وقيل أنهم أنكروه لكونه في تلك الحال على هيئة ملك مصر ولبس تاجه وتطوق بطوقه، وقيل كانوا بعيدي العهد منه فلم يعرفوه.
قيل كان بين إن قذفوه بالجب وبين دخولهم عليه مدة أربعين سنة؛ فِلذلك أنكروه، وقيل غير ذلك، وكل واحد من هذه الأسباب مانع من حصول المعرفة فكيف وقد اجتمعت فيه، ولما كان إنكارهم له مستمراً في حالتي المحضر والمغيب أخبر عنه بالجملة الاسمية بخلاف عرفانه عليه السلام.
(ولما جهزهم بجهازهم) المراد به هنا أنه أعطاهم ما طلبوه من الميرة وما يصلحون به سفرهم من العدة التي يحتاجها السافر، يقال جهزت القوم تجهيزاً إذا تكلفت لهم جهاز السفر قال الأزهري: القراء كلهم على فتح الجيم والكسر لغة جيدة. وقيل بالعكس.
وفي الآية تضمين ضمن جهز معنى أكرم، أي ولما أكرمهم بجهازهم أي بتحصيله لهم، قيل حمل لكل واحد منهم بعيراً من الطعام وأكرمهم في النزول وأحسن ضيافتهم، وجميع ما فعله يوسف عليه السلام معهم في هذه القصة كان بالوحي كما قاله بعض المفسرين.
(قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم) يعني أخاه بنيامين الذي تقدم ذكره،