أي عهدا (من الله) في حفظ ابنه ورده إليه، ومعنى كونه من الله أنه بإذنه ذكره النحاس وغيره.
(ومن قبل ما فرطتم في يوسف) أي وألم تعلموا أن تفريطكم في أمر يوسف عليه السلام كائن من قبل تفريطكم في بنيامين أو من قبل أخذكم العهد في شأنه، على أن ما مصدرية، ويجوز أن تكون زائدة والأول أولى، والمعنى قصرتم في شأنه ولم تحفظوا عهد أبيكم فيه.
(فلن أبرح الأرض) يقال برح براحاً وبروحاً أي زال فإذا دخله النفي صار مثبتاً أي لن أبرح من أرض مصر بل ألزمها ولا أفارقها ولا أزال مقيماً فيها على أن أبرح هنا تامة (حتى يأذن لي أبي) في مفارقتها والخروج منها بالعود إليه وإنما قال ذلك لأنه يستحي من أبيه أن يأتي إليه بغير ولده الذي أخذ عليهم الميثاق بإرجاعه إليه إلا أن يحاط بهم كما تقدم.
(أو يحكم الله لي) بمفارقتها والخروج منها، وقيل المعنى أو يحكم الله لي بخلاص أخي من الأسر حتى يعود إلى أبي وأعود معه، وقيل المعنى أو يحكم الله لي بالنصر على من أخذ أخي فأجازيه وأخذ أخي منه أو أعجز فأنصرف بعد ذلك قال مجاهد: أقاتل بسيفي حتى أقتل، وعن أبي صالح نحوه (وهو خير الحاكمين) لأن أحكامه لا تجري إلا على ما يوافق الحق ويطابق الصواب ومراده بهذا الكلام الالتجاء إلى الله في إقامة عذره إلى والده يعقوب.
ثم قال كبيرهم مخاطباً لهم
(ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق) على البناء للفاعل وذلك لأنهم قد شاهدوا استخراج الصواع من وعائه؛ وقرئ على البناء للمفعول.
قال الزجاج: إن سرق يحتمل معنيين أحدهما علم منه السرق والآخر اتهم بالسرق أمرهم بهذه المقالة مبالغة في إزالة التهمة عن أنفسهم عند أبيهم لأنهم كانوا متهمين عنده بسبب وقعة يوسف عليه السلام.
(وما شهدنا إلا بما علمنا) من استخراج الصواع من وعائه، وقيل


الصفحة التالية
Icon