قال: لولا أن تحمقون، أخبرهم يعقوب بأن الصَّبا قد حملت إليه ريح حبيبه وأنه لولا ما يخشاه من التفنيد لما شك في ذلك:
فإن الصبا ريح إذا ما تنفست | على نفس مهموم تجلت همومها |
إذا قلت هذا حين أسلو يهيجني | نسيم الصبا من حيث ما يطلع الفجر |
ولقد تهب لي الصبا من أرضها | فيلذ مسّ هبوبها ويطيب |
قال أهل المعاني: إنّ الله أوصل إليه ريح يوسف عليه السلام عند انقضاء مدة المحنة من المكان البعيد، ومنع من وصول خبره إليه مع قرب إحدى البلدتين من الأخرى في مدة ثمانين سنة، وذلك يدل على أن كل سهل فهو في مدة المحنة صعب، وكل صعب فهو في زمان الإقبال سهل.
(قالوا) أي قال الحاضرون عنده من أهله (تالله إنك) يا يعقوب (لفي ضلالك) ذهابك (القديم) عن طريق الصواب الذي كنت عليه قديماً من إفراط حبك ليوسف عليه السلام ورجاء لقائه على بعد العهد لا تنساه ولا تفتر عنه، ولسان حال يعقوب يقول لهم:
لا يعرف الشوق إلا من يكابده | ولا الصبابة إلا من يعانيها |
لا تعذل المشتاق في أشواقه | حتى تكون حشاك في أحشائه |