رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (١٠١) ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (١٠٢) وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣) وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (١٠٤) وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (١٠٥) وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (١٠٦)
ولما أتمّ الله نعمته على يوسف عليه السلام بما خلصه من المحن العظيمة، وبما خوله من الملك وعلمه من العلم، تاقت نفسه إلى الخير الأخروي الدائم الذي لا ينقطع فقال
(رب قد آتيتني من الملك) من للتبعيض أي بعض الملك لأنه لم يؤت كل الملك، إنما أوتي ملكاً خاصاً وهو ملك مصر في زمن خاص، وقيل زائدة، وقيل لبيان الجنس، والملك عبارة عن الاتساع في الشيء المقدور لمن له السياسة والتدبير ولم يملك جميع أقطار الأرض إلا أربعة: اثنان مسلمان إسكندر وسليمان، وإثنان كافران بختنصر وشداد بن عاد.
قلت وسيملك خامس وهو عيسى بن مريم حين ينزل من السماء إلى الأرض كما وردت به الأحاديث الصحيحة.
(وعلمتني من تأويل الأحاديث) أي بعضها لأنه لم يعط جميع علم التأويل سواء أريد به مطلق العلم والفهم أو مجرد تأويل الرؤيا، وقيل من للجنس كما في قوله تعالى فاجتنبوا الرجس من الأوثان وقيل زائدة كما تقدم.
(فاطر السماوات والأرض) أي يا فاطرهما أو منتصب بإضمار أعني أو على أنه صفة لرب أو بدل أو بيان، والفاطر الخالق والمنشئ والمخترع والمبدع


الصفحة التالية
Icon