بهذا الاستفهام عمن يحيي ويميت، وهذه حجة رابعة ثم انتقل إلى حجة خامسة فقال:
(ومن يدبر الأمر) بين الخلائق أي يقدره ويقضيه، وهذا من عطف العام على الخاص لأنه قد عم ما تقدم وغيره (فسيقولون الله) أي سيكون قولهم في جواب هذه الاستفهامات الخمس إن الفاعل لهذه الأمور هو الله سبحانه إن أنصفوا وعملوا على ما يوجبه الفكر الصحيح والعقل السليم، والمعنى الله يفعل ذلك.
(فقل) أمره أن يقول لهم ذلك وعظاً وتذكيراً بعد أن يجيبوا بهذا الجواب (أفلا تتقون) الاستفهام للإنكار والفاء للعطف على مقدر أي تعلمون ذلك أفلا تتقون وتفعلون ما يوجبه هذا العلم من تقوى الله الذي يفعل هذه الأفعال، وتعبدون هذه الأموات والأصنام التي لا تقدر على شيء من هذه الأمور بل ولا تعلم به، وفي البيضاوي أفلا تتقون عقابه بإشراككم إياه ما لا يشاركه في شيء من ذلك.
(فذللكم) الذي يفعل هذه الأفعال (الله) وهو (ربكم) المتصف بأنه (الحق) لا ما جعلتموهم شركاء له في الموتى والأصنام، والاستفهام في قوله (فماذا بعد الحق إلا الضلال) للتقريع والتوبيخ إن كانت ما استفهامية لا إن كانت نافية كما يحتمله الكلام، والمعنى أي شيء بعد الحق إلا الضلال فإن ثبوت ربوبية الرب سبحانه حق بإقرارهم وكان غيره باطلاً لأن واجب الوجود يجب أن يكون واحداً في ذاته وصفاته.
(فأنى تصرفون) أي كيف تستجيزون العدول عن الحق الظاهر وتقعون في الضلال إذ لا واسطة بينهما فمن تخطى أحدهما وقع في الآخر، والاستفهام للإنكار والاستبعاد والتعجب.