والمعنى ما لنا وجه نتباعد به عن النار، ويجوز أن يكون هذا من كلام الفريقين وإن كان الظاهر أنه من كلام المستكبرين، وفي مجيء كل جملة مستقلة من غير عاطف دلالة على أن كُلاًّ من المعاني مستقل بنفسه كاف في الأخبار، وقال زيد بن أسلم: جزعوا مائة سنة وصبروا مائة سنة.
وأخرج الطبراني وابن أبي حاتم وابن مردويه عن كعب بن مالك يرفعه إلى النبي ﷺ قال " يقول أهل النار هلموا فلنصبر فيصبرون خمسمائة عام، فلما رأوا ذلك لا ينفعهم قالوا هلموا فلنجزع فبكوا خمسمائة عام، فلما رأوا ذلك لا ينفعهم قالوا سواء علينا أجزعنا أم صبرنا مالنا من محيص ".
والظاهر أن هذه المراجعة كانت بينهم بعد دخولهم النار كما في قوله تعالى (وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعاً فهل أنتم مغنون عنا نصيباً من النار قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد).
(وقال الشيطان) للفريقين (لما قضي الأمر) أي دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار على ما سيأتي بيانه في سورة مريم (إن الله وعدكم وعد الحق) فصدق في وعده وهو وعده سبحانه بالبعث والحساب ومجازاة المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.
قال الفراء: وعد الحق هو من إضافة الشيء إلى نفسه كقولهم مسجد الجامع؛ وقال البصريون وعدكم وعد اليوم الحق.
(ووعدتكم) وعداً باطلاً بأنه لا بعث ولا حساب ولا جنة ولا نار


الصفحة التالية
Icon