لتزول بفتح اللام على أنها لام الابتداء، وقرأ الجمهور بكسرها على أنها لام الجحود، قال ابن جرير: والمختارة هي الأخيرة وإن هي الخفيفة من الثقيلة واللام هي الفارقة وزوال الجبال مثل لعظم مكرهم وشدته أي وأن الشأن كان مكرهم معداً لذلك.
قال الزجاج: وإن كان مكرهم يبلغ في الكيد إلى إزالة الجبال، فإن الله ينصر دينه، وعلى قراءة الجمهور يحتمل وجهين:
أحدهما: أن تكون إن هي المخففة من الثقيلة والمعنى كما مر.
والثاني: أن تكون نافية واللام المكسورة لتأكيد النفي كقوله: (وما كان الله ليضيع إيمانكم) والمعنى ومحال أن تزول الجبال بمكرهم على أن الجبال مثل لآيات الله وشرائعه الثابتة على حالها مدى الدهور المشبهة بها في القرار والبقاء، وقال ابن عباس: مكرهم شركهم والمراد بالجبال هنا قيل حقيقتها، وقيل المراد بالمكر كفرهم، ويناسبه (تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً).
(فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله) المعنى مخلف رسله وعده، قال القتيبي: هو من المقدم الذي يوضحه التأخير، والمؤخر الذي يوضحه التقديم، وسواء في ذلك مخلف وعده رسله ومخلف رسله وعده، وقال الزمخشري: قدم الوعد ليعلم أنه لا يخلف الوعد أصلاً كقوله (إن الله لا يخلف الميعاد) ثم قال (رسله) ليؤذن أنه إذا لم يخلف وعده أحداً وليس من شأنه إخلاف المواعيد فكيف يخلفه رسله الذين هم خيرته وصفوته، والمراد بالوعد هنا هو ما وعدهم سبحانه بقوله (إنا لننصر رسلنا) وكتب الله لأغلبن أنا ورسلي.
(إن الله عزيز) غالب لا يغالبه أحد (ذو انتقام) ينتقم من أعدائه لأوليائه والجملة تعليل للنهي، وقد مر تفسيره في أول آل عمران، قال قتادة: عزيز والله في أمره يملي وكيده متين ثم إذا انتقم انتقم بقدرة.