وعن ابن عباس وأنس أنهما تذاكرا هذه الآية فقالا: حيث يجمع الله من أهل الخطايا من المشركين والمسلمين في النار، فيقول المشركون ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون، فيغضب الله لهم فيخرجهم بفضله ورحمته، أخرجه البيهقي في البعث وابن المبارك في الزهد.
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند قال السيوطي صحيح عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " إن ناساً من أمتي يعذبون بذنوبهم فيكونون في النار ما شاء الله أن يكونوا ثم يعيرهم أهل الشرك فيقولون ما نرى ما كنتم فيه من تصديقكم نفعكم، فلا يبقى أحد إلا أخرجه الله من النار. ثم قرأ رسول الله ﷺ هذه الآية " وفي الباب أحاديث مرفوعة عن جمع من الصحابة في تعيين هذا السبب في نزول هذه الآية.
(ذرهم يأكلوا ويتمتعوا) هذا تهديد لهم أي خل هؤلاء الكفرة ودعهم عما أنت بصدده من الأمر لهم والنهي فهم لا يرعوون أبداً ولا يخرجون من باطل: ولا يدخلون في حق بل مرهم بما هم فيه من الاشتغال بالأكل والتمتع بزهرة الحياة الدنيا من إلهاء العمل لهم عن اتباعك فإنهم كالأنعام التي لا تهتم إلا بذلك ولا تشتغل بغيره وهذا الأمر لا يستعمل له ماض إلا قليلا استغناء عنه بترك بل يستعمل منه المضارع نحو ونذرهم في طغيانهم، ومن مجيء الماضي قوله صلى الله عليه وسلم: " ذروا الحبشة ما وذرتكم " وترك ووذر يكونان بمعنى صير أي ذرهم مهملين أي أترك كفار مكة والعموم أولى.
(ويلههم الأمل) أي يشغلهم طول الأمل والعمر وبلوغ الوطر واستقامة الحال عن الإيمان والأخذ بطاعة الله تعالى، يقال ألهاه كذا أي شغله ولهى هو


الصفحة التالية
Icon