وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (١٠) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (١١) كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (١٢) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (١٤) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (١٥) وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (١٦) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (١٧) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (١٨)
وأيضاً في الآية وعيد شديد للمكذبين به المستهزئين برسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل الضمير في له لرسول الله ﷺ والأول أولى بالمقام. قال الخطابي: إنما لم يجمع رسول الله ﷺ القرآن في المصحف لما كان يترقبه من ورود ناسخ لبعض أحكامه وتلاوته، فلما انقضى نزوله بوفاته ﷺ ألهم الله تعالى الخلفاء الراشدين ذلك وفاء بوعده الصادق بضمان حفظه على هذه الأمة، فكان ابتداء ذلك على يد الصديق رضي الله عنه بمشورة عمر رضي الله عنه، انتهى. ذكره السيوطي في الإتقان، وقد بسطنا الكلام على جمع القرآن في رسالتنا المسماة بالأكسير في أصول التفسير فليرجع إليه. ثم ذكر سبحانه أن عادة أمثال هؤلاء الكفار مع أنبيائهم كذلك تسلية لرسول الله ﷺ فقال:
(ولقد أرسلنا) رسلاً كائنة (من قبلك) وحذف المفعول لدلالة الإرسال عليه (في شيع الأولين) أي في أممهم وأتباعهم وسائر فرقهم وطوائفهم.
قال الفراء: الشيع الأمة التابعة بعضهم بعضاً فيما يجمعون عليه، وأصله من شاعه إذا تبعه، وهم القوم المجتمعة المتفقة كلمتهم، وشيعة الرجل أتباعه، وقيل الشيعة من يتقوى بهم الإنسان.


الصفحة التالية
Icon