وفي المصباح: الشيعة الأتباع والأنصار وكل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة، ثم صارت الشيعة اسماً لجماعة مخصوصة والجمع شيع والأشياع جمع الجمع وإضافته إلى الأولين من إضافة الصفة إلى الموصوف عند بعض النحاة أو من حذف المضاف إليه عند آخرين منهم، أي في شيع الأمم الأولين، وفي البيضاوي من قبيل إضافة الموصوف لصفته كقوله حق اليقين.
(وما) كان (يأتيهم) أي الشيعة (من رسول) من الرسل (إلا كانوا به يستهزئون) كما يفعله هؤلاء الكفار مع محمد صلى الله عليه وسلم.
(كذلك) أي مثل ذلك الذي سلكناه في قلوب أولئك المستهزئين برسلهم (نسلكه) أي الذكر (في قلوب المجرمين) فالإشارة إلى ما دل عليه الكلام السابق من إلقاء الوحي مقروناً بالاستهزاء، والسلك إدخال الشيء في الشيء كالخيط في المخيط قاله الزجاج، والسلوك النفاذ في الطريق، قال والمعنى كما فعل بالمجرمين الذين استهزؤوا نسلك الضلال في قلوب المجرمين، وقال ابن عباس الشرك نسلكه في قلوب المشركين. وعن قتادة مثله.
وفيه رد على القدرية والمعتزلة وهي أبين في ثبوت القدر لمن أذعن للحق ولم يعاند، قال الواحدي: أضاف الله سبحانه إلى نفسه إدخال الكفر في قلوب الكفار وحسن ذلك منه، فمن آمن بالقرآن فليستحسنه. وقال الرازي: احتجوا بهذه الآية على أنه تعالى يخلق الباطل والضلال في قلوب الكفار.
(لا يؤمنون به) أي بالذكر الذي أنزلناه أو بمحمد ﷺ حال من ضمير نسلكه أو مستأنفة لبيان ما قبلها، وقيل أن الضمير في نسلكه للاستهزاء وفي به للذكر وهو بعيد، والأولى أن الضميرين للذكر (وقد خلت سنة الأولين) أي مضت طريقتهم التي سنها الله في إهلاكهم حيث فعلوا ما فعلوا من التكذيب والاستهزاء.


الصفحة التالية
Icon